غصن الزيتون
اوسمة : نقاط : 3676 تاريخ التسجيل : 15/07/2011
| موضوع: الامنية في ادراك النية الجزء الثالث الأربعاء نوفمبر 09 2011, 21:44 | |
| الأمنية في إدراك النية تأليف: أحمد بن إدريس المالكي القرافي
كتاب يبحث في قضية إسلامية مهمة وهي قضية النية، حيث بحث المصنف في حقيقة النية، ومحلها، وإيجابها في الشرع وتنبيهات في ذلك، ولم قال النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات ولم يقل إنما الأعمال بالإرادات، ولم وجبت النية في الذبائح وهي ليست من العبادات، وأمور أخرى في هذا الموضوع فإن قلت المرتفع الأحكام المترتبة على لفظ العقد لا على نفس العقد قلت الأحكام واقعة في الزمان الماضي قبل الرد بالعيب فإن كان رفع الواقع محالا فرفعها محال وإن لم يكن محالا فلا فرق بينهما وهو الجواب 2 - وثانيها قول الفقهاء إن قال لامرأته إن دخلت الدار آخر الشهر فأنت طالق من أوله قال جماعة من الفقهاء المالكية وغيرهم إنها إن دخلت آخر الشهر وقع الطلاق من أوله مع أن العصمة كانت واقعه من أوله الى آخره إجماعا والواقع بالإجماع إذا تحقق في الزمان الماضي قبل الدخول كيف يرتفع بعد الدخول3 - وثالثها قول الفقهاء إذا مات المقتول ورثت عنه ديته ويوقع الشرع الملك قبل موته بالزمان الفرد ليصح التوريث لتعذر الملك بعد الموت وما لا يملك قبل الموت لا يورث بعده فلذلك يتعين إثبات الملك قبل الموت بالزمان المفرد وإلا كان عدم الملك ثابتا بالإجماع فإذا ثبت الملك قبل الموت بالزمان نقضي برفع عدمه من ذلك الزمان من الكائن قبل الموت بالزمان الفرد إن قضيت اجتماع الوجود مع العدم وهو اجتماع النقيضين محال عقلا فحينئذ أحد الأمرين لازم إما اجتماع النقيضين أو رفع الواقع وكلاهما محال عقلا 4 - ورابعها قول الفقهاء إذا قال له أعتق عبدك عني فأعتقه عنه أجزأ عن كفارته وثبت الولاء للمعتق عنه بالزمن المفرد وأثبتنا الملك للمعتق عنه قبل العتق عنه بالزمان الفرد حتى يترتب العتق عنه على ملكه فيصح له الولاء فيتعذر ثبوت الولاء مع عدم الملك فنقول عدم الملك كان ثابتا قبل العتق عنه في حقه إجماعا فإذا أثبتنا الملك في ذلك الزمان نفينا أن يبقى معه عدم الملك في عين ذلك الزمن أو نرفعه فإن نفيناه اجتمع النقيضان وإن لم ننفه ارتفع الواقع وهو محال ويلزم أحد الأمرين المحالين كما تقدم في مسأله الدية 4 - وخامسها قول المالكية إن الردة تبطل الحج والطهارة والطلاق الثلاث الواقع قبلها ويصير كالكافر الأصلي لم يقع شيء منه من هذه الأفعال لأن الردة تجدد عليه التكليف بحج آخر ولا تجدد أمثال ما وقع في الزمان الماضي بل قالوا الردة ليست مجددة للتكليف بل مبطله لما وقع ولو قالوا إن الثابت في الزمان الماضي لم يتعين بل تجدد تكليف بالردة لم يرد الإشكال بل جعلوا الردة مبطلة لما وقع في الزمن الماضي حتى جوزوا العقد على المبتوته بالطلاق الثلاث قبل زوج بناء على بطلان الطلاق الثلاث لا بناء على أن المرتد أباح الله تعالى له العقد قبل زوج وجعله أسعد حالا من غير المرتد وحاشا لله أن يكون المرتد أسعد حالا من الباقي على الدين القويم وإن كان مراد الفقهاء الإبطال بالزمان الماضيفنقول الصحة كانت حاصلة في الزمان الماضي إجماعا فالقضاء بعدها إما أن يكون مع بقاء الصحة أم لا فإن كان مع بقاء الصحة اجتمع النقيضان أولا مع بقائها فقد ارتفع الواقع ويلزم أحد الأمرين المحالين كما تقدم في الدية وغيرها 6 - وسادسها الصبي إذا زالت عليه الشمس وصلى الظهر مندوبة في حقه ثم بلغ بعد ذلك ثبت الوجوب عليه مرتبا على الزوال ويلزم ان يصلي الظهر مرة أخرى واجبة فهذا الوجوب إن أثبتناه مرتبا على ذلك الزوال مع الندب الذي كان مرتبا عليه بالإجماع اجتمع الضدان فإن الأحكام الشرعية الخمسة أضداد لا يجتمع منها اثنان وإن قضينا بارتفاع الندب فقد رفعنا الواقع وأن أثبتناها بالنسبة الى التعلق فقد قلنا إن الزوال يقتضي صلاتين وهو خلاف الإجماع فيلزم أحد أمور ثلاثة محالة وهي أما اجتماع الضدين أو ارتفاع الواقع أو خلاف الإجماع 7 - وسابعها المرأة إذا زالت عليها الشمس ثم حاضت آخر الوقت وقد بقي مقدار عشر ركعات فإن الصلاتين يسقطان عنها وقد أنعقد الأجماع قبل طرو الحيض على الوجوب عليها فعدم الوجوب في آخر الوقت إن كان مع بقاء الواجب المقضي به أول الوقت فيجب عليها القضاء لذلك الواجب الذي لم تفعله ولم تصل به حيث قلنا بالسقوط وإن كان لا مع بقاء ذلك الواجب فقد رفعنا ما قضينا بثبوته قبل الحيض وهو رفع الواقع بعد وقوعه في الزمان الماضي 8 - وثامنها إذا طهرت آخر الوقت قضينا بوجوب الصلاة عليها مع أنا كنا قضينا بعدمها أول الوقت اعتبارا للمانع الذي هو الحيض فإن الحيض وكل مانع سبب للعدم كما أن كل سبب يقتضي الثبوت فقضاؤنا بالثبوت إن كان مع بقاء ذلك العدم فقد اجتمع النقيضان وإن كان لا مع بقاء ذلك العدم فقد قضينا برفعه فيلزم رفع الواقع ورفع الواقع محال سواء أكان عدما أو ثبوتا فإن عدمنا نحن في زمن الطوفان يستحيل الآن رفعه لكونه واقعا في الزمان الماضي9 - وتاسعها المسافر اذا قدم آخر الوقت زاد في فرضه ركعتان القضاء بعدهما لما تقدم وإذا سافر به آخر الوقت سقط من فرضه ركعتان بعد القضاء بثبوتهما وكذلك بقية أرباب الأعذار والله أعلم 10 - وعاشرها إذا حلف بالطلاق أو غيره على أنه ليشربن خمرا أو ليغسلن محرما قال أصحابنا يحنث عقب حلفه لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا فهو كما حلف ليقومن اليوم فلم يقم فإن تجرأ وفعل المحرم لم يلزمه طلاق ولا كفارة ولا شيء مما كان يلزمه مما حلف به فنفرض أنا أفتيناه بالحنث ولزم الطلاق فاعتدت امرأته وتزوجت وولدت أولادا ثم فعل الحالف ذلك المحرم فإنا نقضي ببره بناء على ظاهر النقل عن المذهب وتحل له امرأته بغير عقد جديد فهذا الحل اللاحق إن أثبتنا معه الحرمة السابقه والحل للأزواج فقد اجتمع الضدان الحل والحرمة وإن رفعنا الحرمة السابقة فقد رفعنا الحكم بعد وقوعه ويلزمنا أن نقضي بتحريم وطء الزوج الثاني وأنه لم يكن مباحا له العقد عليها ويتجه القول في الحد والأولاد هل تم شبهة تسقط الحد وتلحق النسب أم لا فإنه إذا فعل بقيت العصمة عند الأصحاب لم يتشعب منها شيء وصحت البتة ومقتضى هذا الحد وسقوط النسب ومصتضى ما أفتيناه بإباحة العقد عليها عدم الحد ولحوق النسب فتبقى هذه المسألة مشكلة من وجوه من جهة رفع الواقع وغيره وهذه المسائل كثيرة ولو استقرأناها لطالت ولنقتصر على هذا القدر منها وينبغي أن تعلم أنه ليس منها الفسوخ في العقود لأن الفسخ لا يرفع واقعا في نفس الأمر بل تحقق الواقع وهو ان العقد كان لا يفيد الملك في نفس الأمر ففسخنا إياه بمعنى أنا أمرنا كل واحد من المتعاقدين أن يرد ما اخذه الى الآخر فإن كان لم يقبض شيئا منعناه من القبض وليس منها إلا قلة لأنها بيع إلا في ثلاث مسائل المرابحة وبيع الطعام قبل قبضه والشفعة فهي حيث كانت بيعا كبيع الانسان ما له بعد أن اشتراه ليس فيه رفع الواقع بل تجديد أمر لم يكن في تلكالمسائل هي كالفسخ أو عديمة الأثر البته على ما قرر من تلك المسائل الثلاث في مواطنها وليس منها عقود المحجور عليهم لأنها كانت موقوفه ولم نقض فيها قبل الرد بل قضينا قبل الرد بأنها تستحق الرد إن رآه من له الرد وقد رآه فما ارتفع واقع وليس منها توريث الجنين لأنا قضينا له بالإرث بعد التوقف الى حين ظهور حياته فانتهى التوقف نفسه لحصول الغاية فلم يرتفع واقعا وليس منها تقديم الزكاة في الفطر والمال لأن المقدم منها قضينا بعدم وجوبه قبل كمال الحول ورؤية هلال الفطر فلو حال الحول ورأى الهلال قلنا أجزأ ذلك الذي لم يكن واجبا عما في الذمة من الواجب رخصة وتوسعة لأنا عقلنا معنى الزكاة وهي أن المراد بها شكر نعم الله تعالى على الأغنياء وسد خلة الفقراء والمقصود ان حاصلان بالمال المتقدم بخلاف الصلاة فإنا لم نعقل معناها فلم نتصرف فيها بإيقاعها قبل الزوال وغيره من أوقاتها وإن كنا قد أهملنا ما في الزكاة من شائبة التعبد الموجودة في مقادير نصبها وتحديد الواجب فيها ونحو ذلك فلم يجيزوا فيها كثرة التقديم بل بالشهر ونحوه وفي الفطر باليوم والثلاثة ونظير براءة الذمه مما ليس بواجب الطهارة والسترة واجبتان على المكلف للصلاة والوجوب إنما يتعلق بفعله ولو قدم ذلك الفعل قبل الوقت فتوضأ واستتر ثم دخل الوقت أجزأ المتقدم من فعله عن تجديد فعل بعد دخول الوقت ولا يقال الاستدامة كالابتداء في المذهب فإنا نقول إنما ذلك في الأيمان لأنها أسباب للزوم الكفارة والسبب لا يشترط ان يكون فعلا للمكلف كالزوال وغيره من الأسباب والطهارة والسترة واجبتان والواجب لا بد ان يكون فعلا للمكلففإن قلت المعنى بأنهما واجبان أن حصولهما شرط والشرط لا يشترط فيه أن يكون فعلا للمكلف كدوران الحول في الزكاة قلت هذا كلام حسن غير أن ظاهر كلام الأصحاب مصرح بالوجوب وليس أيضا من رفع الواقع نقضي الأقضية حيث نقضناها لأنها كالنسوخ في العقود الباطلة فإنا إنما ننقض ما لم يستجمع للشرائط في نفس الأمر وليس منها النصراني إذا عتق ثم دخل دار الحرب وقاتل ثم غنمناه فإنا نسترقه وليس رفعا للحرية السابقة بل تجدد بسبب آخر اقتضى رقه فهو كالطلاق بعد الزواج والزواج بعد الطلاق في المرأة الواحدة أحكام تتجدد لتجدد أسبابها ولا يبطل ما تقدم وليس من هذا الباب أيضا إزالة الملك عن الأرض بعد زوال الإحكام أو عن الماء إذا أريق في النهر بعد حوزه أو عن الصيد إذا توحش فطال هجانه بعد أصطياده أو عن الحوت إذا رجع للنهر فإنا لم نقض ببطلان الأملاك السابقة بل جددنا إباحة لتجدد سببها فهو كعود التحريم في الأجنبيه بالطلاق وإنما البحث بيننا وبين المخالف لنا في أن الطاريء هل هو سبب يقتضي الإباحة العامة أم لا فنحن نقول به وهو لا يرى ذلك وبالجمله فضابط مسائل الرفع إذا أردت استقراءها وتحقيقها هو أن يكون سبب له حكم شرعي فيترتب عليه ذلك الحكم ثم ترتب عليه غيره بعد أن ترتب الأول إلا أنك ترتب حكما آخر على سبب آخر من حين طرو الثاني ولا تعطفه على ما قبله أما متى عطفته على ما قبله من المسائل التي فيها رفع الواقع فيندرج في البحث سؤالا وجوابا ولنقتصر على هذا القدر من التنبيه ونشرع في الجواب عن تلك العشرة مع المسائل المذكورة في المسألة فنقولقاعدة مشهورة في الشريعة وهي قاعدة التقديرين فيعطى الموجود حكم المعدوم والمعدوم حكم الموجود أما إعطاء المعدوم حكم الموجود فله في الشرع مسائل كثيرة 1 - منها إيمان الصبيان وكذلك البالغون حالة الغفلة من الايمان وكفر أطفال الكفار وبالغيهم حالى غفلتهم عن الكفر وعدالة العدول حالة الغفله وكذلك الفسوق في الفساق والإخلاص في المخلصين والرياء في المرائين إذا تلبسوا بذلك ثم غفلوا عنه فمن مات منهم على شيء من هذه التقديرات بغته فهو عند الله تعالى كذلك ولا تخرجه للغفلة عن حكمه ومن ذلك النيات في العبادات وقد تقدمت وكذلك العلم في العلماء والفقه في الفقهاء والعداوة في الأعداء والصداقة في الأصدقاء والحسد في الحساد حالة الغفله عن جميع ذلك فائدة قوله تعالى ومن شر حاسد إذا حسد إنما قيد بقوله إذا حسد إشارة الى الحسد الفعلي فإن الحكمي الذي هو الحسد المقدر لا يضر المحسود وإنما يضر الحسد الفعلي فلذلك قيد بقوله إذا حسد 2 - ومن التقدير في إعطاء المعدوم حكم الموجود أن المدلس بالسرقة في العبد إذا قطع العبد في السرقة عند المشتري يقدر القطع عند البائع ويكون له الرد بغير شيء أو دنس بالرده فقتل عند المشتري بالردة يقدر القتل في يد البائع 3 - ومن ذلك الذمم إنما هي تقديرات شرعية في الأنسان تقبل الإلزام والالتزام والحقوق في الذمم مقدرات فيقدر الذهب والفضة والطعام في السلم وغيره والعروض في الذمم وهي أجسام لا يتصوركونها في الذمم حقيقة بل تكون معدومه من الوجود كله بالضروره كمن أسلم في فاكهة لا توجد إلا في الصيف أو زهر كالورد ونحوه ويقع العقد في الشتاء فيقدر ذلك كله في الذمة وتقدر التقديرين في عروض التجارة للزكاة وتقدر الملك في المملوكات وكذلك الرق والحرية والزوجية وهو كثير جدا حتى لا يكاد يخلو باب من أبواب الفقه منه فتأمله تجده وأما إعطاء الموجود حكم المعدوم فكالماء مع المسافر وهو يحتاجه لعطشه أو عطش غيره فإنه كالمعدوم فيتيمم وكذلك من معه نصاب حال عليه الحول وهو يحتاجه وهو يحتاجه لقضاء دينه بقدر معدوما ولا زكاة عليه وكذلك وجود الرقبة عند المكفر مع حاجته الضرورية إليها وكذلك من عنده نصاب يحتاجه لضرورته وهو لا يكفيه نقدره كالمعدوم ونعطيه الزكاه كالفقير الذي لا شيء له وكذلك صاحب السلس والجراحات السائلة يقدر ما وجد من الأحداث والأخباث في حقه معدوما وتصح صلاته كأنه عدم الماء في حقه ويقع في التقدير إعطاء المتقدم حكم المتأخر والمتأخر حكم المتقدم فأما إعطاء المتأخر حكم المتقدم كمن رمى سهما أو حجرا ثم مات فأصاب بعد موته شيئا فأفسده فإنه يلزمه ضمانة ويقدر الفساد وقع متقدما في حياته وكذلك لو حفر بئرا فوقع فيها شيء فهلك بعد موته وأما إعطاء المتقدم حكم المتأخر فكتقديم النية في الصوم أو في الطهارة على الخلاف في الطهارة فتقدر متأخرة مقارنة ويكون المقدم لينته بمنزله المؤخر لها لأنه الأصل وكذلك مقدم الزكاة في الفطر والمال يقدر الإخراج وقع بعد الحول أو رؤية الهلال يترتب الحكمعلى السبب الذي هو الهلال أو المشروط على شرطه الذي هو الحول وأعلم انه متى وقع البيع دينا بدين أو عينا بعين اشتمل على التقدير في الذمة ولا يخرج البيع عن التقدير إلا في بيع المعاطاة ولا بد في الإجارة من التقدير إن قوبلت منفعة بمنفعة فكلاهما مقدر لو تعين وكانت المنافع مقدرة وكذلك السلم لا بد فيه من التقدير في الجهتين أو في المسلم فيه فقط إن كان الثمن مبينا والوكالة منافع الوكيل فيها مقدرة وكذلك القراض والمساقاة منافع العامل المعاقد عليها مقدرة في ذمتهم وكذلك القرض في ذمة المقترض وكذلك المزارعة والجعالة والوقف تمليك المعدوم فهو تقديري والرهن يقع في الديون المعدومة وقد يكون دينا في نفسه وتقع الوصية بالدين للموجود والمعدوم والمقدر وجوده والعواري تتناول المنافع المعدومه المقدرة في الأعيان وحفظ الوديعة مطلوب حالة الإيداع فهو تبع لمعدوم مقدر حتى يصح ورود الشرع عليه وعقد النكاح إنما يتناول معدوما مقدرا في الزوجة وفي الزوج من الوطء والعشرة والصداق والنفقة والكسوة ولا يخرج عن التقدير إلا الصداق المعين والكفالة التزام معدوم والحوالة بيع معدوم بمعدوم والصلح بيع أو إجارة فيدخله التقدير والابراء إنما يتناول المقدر في الذمم والعجب ممن يعتقد أن المعارضة على المعدوم على خلاف الأصل مع أن الشريعة طافحة به في مواردها أو مصادرها حتى لا يكاد يعرى عنه باب كما قد رأيت بل الأوامر والنواهي والأدعية والشروط ومشروطاتها في التعليقات والوعود والوعيدات وانواع التمني والترجي والإباحات كلها لا تتعلق إلا بالمعدوم فتأمل ذلك حق تأمله تجد فيهفقها كثيرا ينتفع به في محاولة الفقه واتساع النظر ودفع الاشكالات عن القواعد والفروع وإنما أكثرت من مثل التقدير لأني رأيت الفقهاء الفضلاء إذا قيل لهم ما مثل إعطاء الموجود حكم المعدوم أو المعدوم حكم الموجود صعب عليهم تمثيل ذلك وإن مثلوا فعساهم يجدون المثال أو المثالين فاردت أن يتسع للفقيه هذا الباب ويسهل عليه إذا تقررت هذه القاعدة وهي التقديرات الشرعية فنقول الجواب عن الأول وهو رفض النية أنا لم نقل ارتفع ما كان تقدم من النية الحكمية بل قدرناها معدومة وهي موجودة في نفس الأمر بل الشرع ألغاها كما ألغى حكم السلس وغيره كما تقدم في المثل فما ارتفع ورقع ولا لزم محال غير أنه يبقى النظر في ذلك الدليل الذي يدل على هذا التقدير هل هو صحيح أم لا ذلك مما يبحث في الففه في مواطنه وأما ها هنا فالمقصود بيان قول الفقهاء بالرفض ما معناه وأنه ممكن لا مستحيل 2 والجواب عن الثاني وهو الأول من العشرة أن معنى قولنا في الرد بالعيب أنه رفع للعقد من أصله أي يقدر كالمعدوم وإن كان موجودا فيعطي حكم المعدوم ومقتضى هذا أن ترد الغلات للبائع ولا يبقى أثر من الآثار لكن الأصحاب لم يقولوا بذلك ولا إخاله قول أحد من العلماء بل إنما قدره الأصحاب كالمعدوم من أصله في أمور خاصة فقالوا إذا صرح بالرد فهلك المبيع قبل وصوله ليد البائع ففي ضمانه من البائع أو المبتاع أقوال ثالثها من البائع إن حكم به حاكم وإلا فمن المبتاع قال الشيخ أبو الطاهر منشأ الخلاف هل الرد نقض للعقد من أصله فيكون الضمان من البائع كأنه لم يخرج عنه أو من حينه فلا يتحقق النقض إلا بوصوله إليه ونحو هذاوأما التعميم في جملة الأثار فلم يقولوا به لأن التقدير على خلاف الأصل فيقتصر به على مورد الدليل وقيامة ولا عجب أن يقدر الشيء معدوما بالنسبة الى بعض آثاره دون بعض ألا ترى الخارج على وجه السلس لا يوجب الوضوء وإذا وقع على ثوب إنسان نجسه اتفاقا بخلاف ما لو صلى صاحب السلس بإنسان ففيه خلاف فقد قدر معدوما بالنسبة الى بعض آثاره دون بعض 3 - والجواب عن الثالث وهو الثاني من العشرة أنها إذا دخلت آخر الشهر تحقق الشرط وترتب عليه شروطه بصفاته ومن صفات ذلك الشروط أن يتقدم من أول الشهر ويقدر اجتماعه مع الإباحة المتقدمة فالأباحة مقطوع بوجودها م أول الشهر الى آخره ويقدر لهذا السبب الطاريء وهو دخول الدار مسبب على النحو الذي اقتضاه التعليق جمعا بين السببين السابق الذي هو عقد النكاح المقتضي للاباحة واللاحق الذي هو دخول الدار الذي جعل سببا بالتعليق بمسببه الموصوف بالتقدم ولذلك لم يلزم تقديم المشروط الذي هو الطلاق على شرطة الذي هو دخول الدار بل الطلاق بوصف التقدم هو المجموع متأخر في الترتيب عن دخول الدار ومن اتسع عقله الاعتبارات العقليه والشرعيه لم يشكل عليه من هذا المكان وأشباهه ونظيره لو قال زيد لعمرو غفر الله لك ذنوبك لسنة ماضية فقال له عمرو أنا أكافئك على دعائك هذا بأفضل منه غفر الله لك ذنوبك بجملة عمرك فهذا الدعاء الثاني مكافأة للأول فهو متأخر عنه من حيث إنه مكافأة ومن حيث الوقوع فإن عمرا إنما نطق بالدعاء بعد زيد ومع ذلك فمقتضاه متقدم على مقتضى الأول لأن جملة العمر يتقدم أوله على السنة الأخيرة التي دعا فيها زيد ولم يحصل في ذلك تناقض لكونه متأخرا متقدما وبالجملة لا بد في هذه الأمور من جودة الذهن وإلا فلا ينفع التأنيس بكثرة النظائر بل تشكل النظائر كما أشكل النظر- والجواب عن الرابع وهو الثالث من العشرة ان الملك إنما يثبت تقديرا للمعدوم في حكم الموجود لضرورة التوريث فالمعدوم ارتفع بل قدر الموجود معه المقدر لا يناقض العدم المحقق لأن معنى التقدير أن هذا العدم عند الشرع كالوجود ترتب حكم الموجود عليه وللشرع أن يرتب حكمه على ما شاء فيرتب حكم الموجود على المعدوم ويرتب حكم المعدوم على الموجود أو لا يجعله مرتبا البتة فإن ربط الأحكام بالأسباب ليس لازما عقلا عندنا خلافا للمعتزلة بل الجائز العقلي قابل لجميع ما ذكرته 5 - والجواب عن الخامس أن الملك للمعتق عنه مقدر ومعناه ان الشرع صير ذلك العدم المتقدم كالملك المحقق فلا تناقض ولا نقض برفع واقع 6 - والجواب عن السادس الذي هو الخامس من العشرة ان الردة سبب رتب الشرع عليها تقديرا شرعيا وهو إعطاء الموجود حكم المعدوم بإعطاء العبادات وتلك التصرفات المتقدمة الموجوده قبل الردة حكم المعدوم بأن جعل حكم هذا المرتد حكم من لم يفعلها 7 - والجواب عن السابع أن الزوال يقتضي صلاتين باعتبار حالتين فيقتضي الظهر مندوبة باعتبار حالة عدم البلوغ واجبة باعتبار حالة البلوغ كما يقتضيها مقصورة باعتبار حالة السفر وتامة باعتبار حالة الإقامة باعتبار شخصين وباعتبار كل شخص فإن هذا حكم الله تعالى في حقه أن الزوال يوجب عليه كل واحدة من الصلاتين باعتبار حالين وإنما ذكر هذا القول الشافعيه أن الشرع لم ينصب الزوال إلا سببا لصلاة واحدة فثبت ان الزوال قد يقتضي صلاتين باعتبار حالتين وها هنا الزوال يقتضي الظهر الواجبة إذا اتصل به شرط البلوغ إجماعا فلما تحقق شرط إيجاب الزوال للظهر قدرنا الايجاب مرتبا على سببه متقدما بعد أن كان متأخرا كما يتعذر للملك في بيع الخيار بعد مضي المدة متقدما مرتبا على عقد البيعثم إنا نقول للشافعية الذين يدعون أن الزوال لا يكون سببا لصلاتين في جميع الصور أو فيما عدا صورة النزاع الأول مصادرة على صورة النزاع ونحن نمنع صدق الكلية لا ندراج صورة النزاع فيها والثاني مسلم لكن لم قلتم إن صورة النزاع كذلك ثم إن الفرق أنه أهل للندبية قبل البلوغ فتثبت الندبية في حقه وشابه المغمى عليه إذا أفاق بعد الزوال في حصول شرط الإيجاب بعد تقدم سببه فترتب الإيجاب في حقه أيضا عملا بهذا السبب وأما المغمى عليه ونحوه فلم تكن له أهلية الندبيه قبل الافاقة والبالغ المستكمل للشروط عند الزوال ترتب الإيجاب عليه أبدا لأجل استجماعه فصار الصبي دائرا بين قاعدتين فمتى الحقوه بإحداهما فرقنا بشبهه الأخرى 8 - والجواب عن الثامن الذي هو السابع من العشرة أن المرأة إذا حاضت آخر الوقت قدر لها عدم الوجوب قبل الحيض مرتبا على الزوال لا أن الزوال سبب لبراءة الذمة فقط حتى لا تجب الصلاة لأنها لو طهرت في آخر الوقت قفدرنا الوجوب متقدما مرتبا على الزوال فسوينا في المسألتين ملاحظة آخر الوقت لا أنه يفوت السبب ولنا قاعدتان 1 - إحداهما أن أوقات الصلاة أسباب لها ي 2 - القاعدة الثانية أن المسببات إنما تنتقل للذمم عند ذهاب أسبابها لأن الزكاة ما دام النصاب فيها موجودا لا تنتقل الزكاة للذمة بالضمان بل إذا عدم النصاب ضمن بشرط التفريط وإنما يفني الوقت ويعدم بذهاب آخره لأن السبب ليس مجموعه كالنصاب بل القدر المشترك بين أجزائة الذي هو يسع مقدار الصلاة وكل مشترك ما دام فرد منه باقيا فهو باق فلا جرم لا يعدم الوقت إلا بعدم جميع أجزائه والنصاب يعدم بعدم أحد أجزائه لأن الحكم فيه مضاف للمجموع المشترك بين أفراد الدنانير فتعين حينئذ أن الصلاة لا تترتب في الذمة قضاء إلا عند عدم جميع أجزاء الزمان9 - والجواب عن التاسع ما تقدم في الثامن 10 - والجواب عن العاشر أنه قد تقدم أن الزوال سبب في الشرع لصلاتين تامة بشرط الإقامة ومقصورة بشرط السفر وتقدم أيضا أن آخر الوقت هو المعتبر باعتبار أرباب الأعذار فإذا سافر قدر فرضه ركعتين عند الزوال متقدما لأن الأحكام إنما تقدر مرتبة على أسبابها كما قلنا في بيع الخيار وغيره في البحث المتقدم وقدرنا فرض الأربعة معدوما فيجتمع في حقه التقديران إعطاء الموجود حكم المعدوم وإعطاء المعدوم حكم الموجود 11 - والجواب عن الحادي عشر وهو العاشر من النظائر ان الحالف بالطلاق ونحوه إذا فعل المحرم المحلوف عليه حينئذ يقدر ثبوت البر له متقدما وإن كان سبب بره متأخرا لا سيما والتحريم السابق والحنث إنما كان تقديريا لا حقيقيا لأنا إنما قدرنا قدرته على الفعل معدومه للنهي الشرعي فتحنيثه والتحريم عليه إنما هو أمر تقديري فأمكن أن يقدر بعد ذلك نقيضه فإنا إذا قدرنا أحد النقيضين مع ثبوت النقيض الآخر ثبوتا محققا كما تقدم في النظائر فأولى جواز تقدير النقيض مع النقيض المقدر وعلى هذا التقدير ينبغي أن ترد له زوجته ويسقط الحد عن الزوج الثاني لأن وطنه كان مباحا إباحة تقديريه ويترتب على عقده جميع آثار العقد الكامل ويعود الزوج الأول وتكون معه كغير الحالف البتة هذا مقتضى الفقه ولم أر هذا التفريع منقولا ولا ما يمنعه فتأمله بقواعد الفقه وقوانين الشرع فقد ظهر حينئذ معنى قول الفقهاء في رفض النية وفي نظائرها وحصل التنبيه على تخريج الجميع على قاعدة واحدة وهي قاعدة التقديرات هي قاعدة أجمع العلماء عليها وإذا خرجت الفروع الكثيرة على قاعدة واحدة فهو أولى من تخريج كل فرع بمعنى يخصه لأنه أضبط للفقيه وأنول للعقل وأفضل في رتبه الفقه وليكن هذا شأنك في تخريج الفقه فهو أولى بمن علت همته في القواعد الشرعيهوالله تعالى هو الفتاح الوهاب الهادي للصواب نسأله أن يهبنا من فضله ما نصل به الى جزيل نيله وأن لا يكلنا الى أنفسنا ولا إلى مساعينا في أمر أخرانا وفي أمر دنيانا إنه سميع الدعاء واسع العطاء وصلى الله على سيدنا محمد خير خلقه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا وهذا آخر ما أردته من كتاب الأمنية في إدراك النية نفع الله به جامعة وكاتبه وقارئه والمتأمل فيه بمنه وكرمه آمين وهو حسبنا ونعم الوكيل | |
|
ام انس مشرفة عامة لمنتدى الامل لذوي الاحتياجات الخاصة
نقاط : 216 تاريخ التسجيل : 20/07/2011
| موضوع: رد: الامنية في ادراك النية الجزء الثالث الخميس ديسمبر 08 2011, 17:12 | |
| | |
|
ام الشهيد مروان
اوسمة : نقاط : 1609 تاريخ التسجيل : 21/07/2011
| موضوع: رد: الامنية في ادراك النية الجزء الثالث الخميس ديسمبر 08 2011, 22:14 | |
| ماجورة حبيبتي ..جراح على الافادة العظمى ... | |
|